سام شيبرد في مديح كتابة الرسائل

الرسائل هي قصائد غنائية منحوتة على جدار الزمن

 

ترجمة منال الندابي

111345664

سام شيبرد 1983، حقوق الصورة محفوظة لمطبعة جامعة تكساس

 

في أواخر صيف عام 2010 وبعد مرور 4 عقود على مراسلاتهما، كتب شيبرد في عمر السادسة والستون هذه الرسالة إلى صديقه دارك:

عزيزي جون،

إنني اليوم أُدرك إحدى أسباب حُبّي للرسائل وهي أنها في مجملها عبارة عن مُحادثة يمكنني أن أحظى بها في كل الأوقات، أن أجلس في إحدى الصباحات وأُخاطب الشخص سواءً كان بجانبي أو بعيدًا عني. بإمكاني أن أتحدث إلى أيٍ كان بدون الحاجة لأنتظر بأدبٍ ولباقة إلى أن يُنهي كلامه كي لا أُشتت حبل أفكاره، ويمكنني أن
أكتب فقراتٍ طويلة وأترك فراغاتٍ شاسعة بينها لأيامٍ وأيام لأعود وأملئها من جديد.

إن ما يجعل كتابة الرسائل مختلفة عن بقية أنواع الكتابة هي أنها تعتمد وبشكلٍ كبير على الآخر، فهي ليست بالفعل الفردي. نحن نكتب من أجل الآخر في سياق الزمن، جوابًا عليه أو علاقةً به، وأظن بأن الزمن هو المحور الذي تتحلّق حوله أفعالنا الكتابية هذه. نحن محظوظان حقًا بأن تلازمنا هذه الرغبة الصادقة لأن نكتب ونترك رسائلنا في صندوق بريد أحدنا الآخر طوال أربعين عام. ولكنني أتساءل مُجددًا، ما الذي كان بإمكاننا فعله غير هذا؟

أظن بأن الكتابة إليك هو الفعل المُستمر الوحيد الذي تمكنتُ من الحفاظ على نسقه طوال سنوات حياتي، وكل ما عدا ذلك يبدو مُهشًمًا مُتشظّيًا، بالطبع باستثناء كتاباتي الأخرى التي كانت صديقةً لي منذ 1963. لن أنسى يومًا تلك البهجة التي جعلتني أُرفرف منتشيًا حينما أنهيت نصي المسرحي الأول، شعرت لوهلة بأنني وأخيرًا صنعتُ شيئًا ما، تمامًا بالطريقة التي يصنع فيها النجّار كُرسيًا والراوي حكايةً، لقد أضفتُ شيئًا إلى العالم لم يكن موجودًا من قبل.

هنا أنا أصحى في صباح يومٍ جديدٍ هُنا، بين قطرات الندى المُتدلية من أغصان الأشجار وعشب المرعى، والخيول ترعى أمام مرأى عيني في الأفق المُمتد، وهنا أنا أرفق لك طابع “مروج كنتاكي” البريدي، لتصلك نفحة الخريف التي تعبق في الأجواء والتي تجعلك تشعر وكأن حمل ثقيل قد أزيح من كاهلك بتلاشي الرطوبة ورحيلها إلى أجلٍ آخر.

 

إلى أجلٍ آخر…

المُخلص دومًا،

سام شيبرد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نُشرت بواسطة

مَنال

مُترجِمة، صانعة مُحتوى وفن، ودودة كُتُب.

أضف تعليق