“والحُب ليس شيئًا واحدًا ولكنه أشياءٌ كثيرة”

“خارج محطة القطار، يقف رجلٌ بملابسٍ بالية، يعزف ألحانًا كأنها مناراتٍ من الضوء والحُب، تُحرّك السماء وترفعها قليلًا قليلًا”

لـ ماريا بوبوفا

1

“ما هو الحب؟” تساءل كافكا، مُتأمّلًا في معاني قوة الحب والصبر. “بعد كل هذا الوقت، أجد الإجابة سهلة. الحُب هو كُل ما يُحسّن حياتنا، يجعلها أوسع وأرحب وأكثر جمالًا وبهجة. في كُل أحجامه وأطواله وأعماقه، الحُب ليس خاليًا من المشاكل، تمامًا كالسيارة، ولكن المشاكل الحقيقية تكمن في السائق والرُكّاب والشارع.”

ولكن، رُبما المعنى الحقيقي واللانهائي للحُب يختلف لدى كُل واحدٍ منا، يظهر في حياتنا بصورٍ وافرة من أشياءٍ ومشاعرٍ عدة.

وهذه التعددية هي ما يقوم الكاتب مات دي لا بينا والرسّامة لورين لونج باستكشافه في كتابهما اللطيف بعنوان: “الحُب”.

2

في الصفحات الأولى، نرى أب وأم يحدقان بعيون مُتسّعة نحو رضيعهما في سريره. إن صوت كُلٍ منهما هو الحُب.

يمنحنا الكتاب قصصًا بمختلف الأعراق والأجناس والأعمار، تارةً حول طفل يقف ليشاهد والده يغادر نحو العمل بينما يناوله أخاه الأكبر الإفطار، وتارةً عن فتاة لاتينية تُمسك لعبتها بإحكام بينما التلفاز يبث أخبارًا شنيعة في غرفة المعيشة الضاجة بنظرات فريدا كالو والمسيح، ومرةً عن فتاة مُسلمة تتمدد على فراش العُشب الأخضر، تحتسي من حُب الأشجار والرياح والكون بأجمعه، ومرةً عن طفلٍ يكتنز تحت البيانو الكبيرة مع كلبه المُحب، مرعوبًا من غضب أبيه وصياح أمه، ومرةً عن طفلةٍ سمراء تبحث في المرآة عن جمال عيناها، مُكتشفةً معانٍ وتجلياتٍ لطيفة عن الحُب.

3

4

5

ينبعث صوت أغنية الحُب من سيارة الأجرة، بينما تأخذك المدينة بعبقها وسحرها، كُل شيء يفوح برائحةٍ جديدة: رائحة تشبه الحياة.

الحُب هو حُضن الأُم بعد كابوسٍ مخيف، ووجه الجد المليء بالتجاعيد، والأب الذي يراقص ابنته فوق منزلهما المُتحرك، المُطل على غروبٍ خرافي للشمس وراء المحيط، الحُب هو المرأة العجوز التي تشير نحو السماء، مُبجّلة النجوم: نجمةً نجمة.

6

والحب أيضًا هو رائحة الأمواج المُتكسّرة على الصخور، والقطار الذي يُصفّر بجنونٍ من بعيد، وتحوّل لون السماء قبيل الغسق، متلونةً بلون الحُب.

7

وتخبرك السيدة العجوز وهي تنظر إلى السماء بجانبك- بعد أن صاحت أجرس الإنذار وهرعت مع الجميع إلى شارع المدينة: “إن النجوم تُضيء وتُضيء حتى بعد انطفاءها وموتها، وهذا الضوء هو الحُب.”

8

وذلك اليوم الذي اجتمعت عائلتك بأسرها مُطوّقةً التلفاز بقلقٍ وتوجس، وحينما تسألهم ما الذي يحدث، فإنهم يجيبون بالصمت، ناظرين مرةً أخرى إلى الشاشة.

9

ومع الوقت ستتعلّم إدراك الحُب الذي اعتدت عليه، الحُب الذي جهلته سابقًا. الحُب الذي يصحى منذ الفجر ويستقل الحافلة للذهاب إلى العمل. وقطعة الخبز المحروقة قليلًا والتي تطعم كالحُب تمامًا.

10

والرجل الذي يقف خارج محطة القطار، يعزّف ألحانًا هي الحُب بذاته.

11

12

 

وهكذا، فإن الحُب هو الكثير من الأشياء، والكثير من المشاعر، والكثير من الأشخاص.

 

 

 

 

 

 

 

 

نُشرت بواسطة

مَنال

مُترجِمة، صانعة مُحتوى وفن، ودودة كُتُب.

أضف تعليق